مصر فى ثورة

مصر فى ثورة

الأحد، ١ مارس ٢٠٠٩

المقال الثالث : استنساخ تجربة أردوغان


فى هذا المقال يطل د/ رفيق حبيب ـ المحلل السياسى القبطى ـ بنظرة تحليلية جديدة للمشهد التركى , لم يفكر أحد تفكير جدى بهذا الأمر الذى طرحه .. فهو اذ ينفى عن حزب العدالة والتنمية صفة (الحزب الاسلامى) , ويرفض استنساخ التجربة بكاملها .. الا انه يتبنى دعوة صريحة للتفكير فى مرحلة مشابهة لمرحلة الحزب التركى الانتقالية بعد تحليل عميق لظروفنا السياسية فى مصر .. على أية حال المقال يأتى فى سياق جديد و(تجديدى) بنظرة مختلفة للأمور ويتزامن مع توحد بعض القوى السياسية المصرية فى ائتلاف معارض جديد

*****************************************************

استنساخ تجربة أردوغان

بقلم : د./ رفيق حبيب


تدور الكثير من الحوارات حول إمكانية تكرار تجربة حزب العدالة والتنمية التركي في البلاد العربية والإسلامية. والبعض يتصور أن هذه التجربة تمثل مثلا أو نموذجا يمكن تكراره، أو حتى يجب تكراره. والبعض الآخر يرى أن هذه التجربة مرتبطة أساسا بالظروف السائدة في تركيا. كما يرى البعض، أن حزب العدالة والتنمية التركي يمثل النموذج العصري المناسب للحركات والأحزاب الإسلامية، والبعض الآخر يرى أنه لا يمثل حزبا إسلاميا، ولا يمكن أن يكون نموذجا للحركات الإسلامية. والغالب هو النظر لتجربة حزب العدالة والتنمية على أنها نموذج محدد، إما يقبل كما هو أو يرفض بالكامل. ولكن الأمر يحتاج إلى نوع آخر من النظر، وهو نظر إلى فكرة التجربة والعوامل الرئيسة فيها، بصورة تمكن من معرفة ما يمكن تعلمه من هذه التجربة ... والحقيقة أن أفضل تناول لتجربة حزب العدالة والتنمية، يتعلق أساسا بدلالة التجربة داخل سياقها، مما يمكن من فهم فكرتها، والتعلم منها. وفي كل الحالات، فإن تجربة حزب العدالة والتنمية تمثل تجربة ديمقراطية ناجحة، من حيث قدرتها على حشد التأييد الجماهيري لها. وهي أيضا تجربة ناجحة في العديد من مستويات إدارة الحكم، حيث حققت عددا من الانجازات، خاصة في المجال الاقتصادي . ويضاف لهذا أن تجربة حزب العدالة والتنمية، مثلت شكلا للحكم يتفاعل بصورة مباشرة مع موقف الشارع السياسي ويعبر عنه، مما جعلها تجربة في الحكم تستند أساسا على الدعم الجماهيري، وتستمد شرعيتها من هذا الدعم


وحزب العدالة والتنمية يمثل حزبا علمانيا محافظا، كما حدد هويته مؤسسيه. وهو بهذا ليس حزبا إسلاميا، حيث نفى مؤسسوه عنه هذه الصفة، ولم يحاولوا إلصاق هذه الصفة به ولو ضمنيا . ويلاحظ أن كل الأحزاب الإسلامية في تركيا لم تكن تستخدم تعبير حزب إسلامي، حيث أن هذا التعبير ممنوع قانونا، ولكنها كانت تستخدم تعبيرات تشير ضمنيا إلى الهوية الإسلامية ، وأهمها التعبير الذي كان يستخدمه القائد الأبرز لإسلامي تركيا، وهو الأستاذ نجم الدين أربكان، حيث كان يشير إلى رؤيته السياسة باسم النظام العادل، كناية عن النظام الإسلامي. ولكن نجم الدين أربكان لم يقل على أي حزب أسسه بأنه حزب علماني، وإن أكد على حفاظه على الدستور والقانون بالطبع، كشأن أي حزب سياسي. أي أن الأحزاب التي شكلها نجم الدين أربكان، كانت أحزاب إسلامية، أسسها إسلاميون، وقبلت العمل في ظل النظام العلماني. أما حزب العدالة والتنمية الذي أسسه رجب طيب أردوغان، فهو حزب علماني محافظ، أسسه إسلاميون. وتلك قضية مهمة، فالحزب ليس إسلاميا، ولكن مؤسسيه من الإسلاميين


ويمكن فهم ما أراده رجب طيب أردوغان وصحبه من تجربتهم ، من المقارنة بينهم وبين أستاذهم .. فنجم الدين أربكان أراد تأسيس حزب إسلامي في نظام علماني ، ولكن النظام التركي يعطي حق للجيش للتدخل لحماية العلمانية، لذلك تدخل الجيش والمحكمة العليا، لحل الأحزاب التي أسسها نجم الدين أربكان. ومن هنا جاءت فكرة حزب العدالة والتنمية، حيث أراد مؤسسوه، تشكيل حزب علماني لا يعادي الدين، ويقف ضد العلمانية المتطرفة،ويحافظ على التقاليد الاجتماعية، أي حزب علماني ولكن محافظ. والسبب في ذلك، هو محاولة تأسيس مشروع سياسي يقوم بعملية تغيير شروط وقواعد العملية السياسية في تركيا ، بأن يؤسس للديمقراطية الحقيقية والتي تسمح للجميع بالعمل السياسي، ويمنع تدخل الجيش في السياسة، ويقاوم الفساد والنخب المهيمنة على الحكم، ويحسن من الأحوال الاقتصادية والمعيشية , فإذا نجح في ذلك، يكون قد بدأ عهدا ديمقراطيا حقيقية في تركيا، وأنهى الاستبداد العلماني الذي يحميه الجيش ,, ولأن تركيا فيها حرية تأسيس أحزاب وانتخابات حرة، كما أنها تريد الالتحاق بالاتحاد الأوروبي وبالتالي عليها الالتزام بمعاييره في حقوق الإنسان والديمقراطية، لذا أصبح هناك مجالا أمام حزب العدالة والتنمية، ليقوم بتجربته.. وقد أيدت الجماهير الإسلامية في تركيا حزب العدالة والتنمية، على أساس أنه قادر على تحقيق مشروعه ومواجهة سلطة الجيش والحد منها


لهذا نرى أن حزب العدالة والتنمية لم يؤسس لتحقيق المشروع الإسلامي ، ولكن لتحسين شروط العملية السياسية وتطوير الأوضاع الداخلية، بحيث تصبح تركيا دولة ديمقراطية حقا، مما يمكن أي حزب في المستقبل من الوصول للحكم، دون أي تدخل من الجيش. وبما أن حزب العدالة والتنمية قد أسسه إسلاميون، لذا يفترض أن هذا الحزب يريد تأسيس ديمقراطية، تسمح في المستقبل بحرية العمل لكل الأحزاب بما فيها الأحزاب الإسلامية. وبهذا يكون حزب العدالة والتنمية، يمثل خطة مرحلية تبناها إسلاميون، بغرض تغيير شروط العملية السياسية ، مما يتيح لهم بعد ذلك الدخول في مرحلة تالية، تسمح لهم بتقديم مشروعهم الإسلامي. ولكن إذا اعتبر مؤسسو حزب العدالة والتنمية، أن النسخة الحالية من الحزب هي مشروعهم النهائي، عندئذ نقول بأن مؤسسو الحزب قد تحولوا من الفكرة الإسلامية،إلى الفكرة العلمانية المحافظة، وبهذا سيقول عنهم التاريخ بأنهم إسلاميين سابقين. والغالب حتى الآن، أن برنامج حزب العدالة والتنمية هو مرحلة انتقالية، تنقل تركيا من الديمقراطية التي يسيطر عليها الجيش إلى الديمقراطية الكاملة، وهو بهذا يقوم على المراحل المتتالية، وما يظهر منه الآن، هو المرحلة الأولى


لذلك نرى أن تجربة حزب العدالة والتنمية، تمثل تجربة في كيفية إدارة المرحلة الانتقالية ، أو كيفية تأسيس مرحلة انتقالية ما بين ظروف تمنع عمل الحركات الإسلامية، وظروف أخرى منشودة تسمح للمشروع الإسلامي بالعمل , والتواجد مع غيره من المشروعات. ومن تجربة العدالة والتنمية، نعرف أن المراحل الانتقالية مهمة، وأن التحولات الكبرى تحتاج لمراحل انتقالية، حتى تمهد لها
لذا نرى أننا نحتاج في عالمنا العربي والإسلامي إلى صياغة رؤية عن مرحلة انتقالية يمكن اعتمادها في مواجهة الاستبداد والفساد، وتحقيق التحول الديمقراطي، مما يسمح لكل القوى السياسية بأن تتنافس بحرية بعد ذلك، ويختار الشعب حكامه من خلال انتخابات حرة ونزيهة. وهذه المرحلة الانتقالية تحتاج في الحالة المصرية، إلى نخبة وطنية غير حزبية، أو حزب يقوم على برنامج انتقالي، مع تأييد جماهيري واسع، ومساندة كل القوى والتيارات السياسية الفاعلة، وعلى رأسها الحركة الإسلامية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين لتقوم هذه النخبة أو الحزب بمحاولة الضغط على الحكام من أجل تحسين أحوال الحياة السياسية وتحقيق الديمقراطية، وتقديم نفسها بديلا للنخبة الحاكمة. ونجاح المرحلة الانتقالية يعتمد على موقف النخبة الحاكمة وموقف الغرب الداعم لها، فإذا تغيرت الظروف وسمحت ببداية مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية، سيمهد ذلك لتحقيق الإصلاح السياسي، ولكن إذا أصرت النخبة الحاكمة على بقائها في السلطة، وأصر الغرب المؤيد لها، خاصة أمريكا على بقائها في السلطة، عندئذ لن ينفع حل المرحلة الانتقالية، وسيصبح من الضروري الانتقال إلى عملية نزع الشرعية المزيفة عن الحكم القائم، لفرض الحرية والديمقراطية، بدعم جماهيري واسع


هناك تعليق واحد:

د.توكل مسعود يقول...

السلام عليكم ورحمة الله ..وبعد

فالآن نستطيع أن نصفق لأردوغان بكلتا يدينا.....

وهل العبرة بالأسماء أم بالمسميات؟!
وهل جاء الإسلام إلا تدريجيا؟!
وهل ينشأالإسلام ويترعرع إلا فى أجواء الحرية....؟!
إن معركتنا الحقيقية هى معركة حرية.. وليست معركة الإسلام..لأنه ببساطة."لاإكراه فى الدين"

ويوم أن يكون الناس أحرارا فلن يختاروا إلا الإسلام... وهنا يأتى المثل المشهور ..."البيضة الأول ولا الفرخة"

أما الذين يفهمون فيعلمون تمام العلم أن "الفرخة"... أولا..ثم البيضة لأن الله خلق الفرخة أولا ثم باضت الفرخة.

الإسلام الأول ولا الحرية

الحرية أولا: وهذا موضوع طويل أنشأت مدونتى من أجله وكان أول مقال بعنوان: "لماذا بلا وطن" ذكرت فيه أن الحرية قبل الدين...وهذا ما صنعه أردوغان.

تقبل تحياتى ... والسلام.