مصر فى ثورة

مصر فى ثورة

الأحد، ١٢ يوليو ٢٠٠٩

حديث السياسة العنصرية .. أمريكا نموذجاً

لما كان القوم قد رفضوا الانصياع لحديث العقل فى منظور السياسة , ورغم أننى أتحدث عن حقائق وأرقام وواقع واقع بالفعل , فاننى ماض فى فضح ونقض المبدأ الاوبامى المستتر الذى ما زال يعزف على أوتار عاطفة شعوب نبيلة تستسقى الأمل من أى بئر بعدما أذلها عطش الفساد والمهانة
(1) ـ
ولقد اشرت فى مقالى السابق ( لا عزاء للمعجبين والمحايدين) ـ ضمن سلسلة بدأتها قبل عدة شهور ـ أن أوراق الضغط الصهيونية على القرار الأمريكى السياسى كثيرة وذكرت احداها على سبيل المثال لا الحصر وفى كل يوم يتكشف لنا مزيد من التفاصيل حول أوراق الضغط هذه .. آخرها ما ذكره تقرير بجريدة الشروق المصرية عن طائفة تدعى الانجيليكيين ( مثل البروستانت ) ويتبعها 16 مليون امريكى ولها 42 ألف كنيسة ويرأسها القس ريشارد لاند , ومن أهم عقائدهم أن المسيح لن يرجع حتى يرجع يهود العالم جميعاً الى فلسطين , ولأن الأمر كذلك فان زعيمهم ريتشارد قد أعلنها بكل صراحة أن : ولاؤنا الأكبر لاسرائيل , فهى مسألة عقيدة ... الشاهد أيضا أن نسبة كبيرة من أعضاء الكونجرس والبيت الأبيض والوزراء ينتمون الى هذه الطائفة , كما ذكر التقرير أن بوش وريجان وكارتر أيضا ينتمون اليها .. فالعقيدة اذاً متأصلة فى دوائر صنع قرارهم , وهو أمر ملفت كان لابد من الاشارة اليه
(2) ـ
بعد أن تبنيت شعار الاستاذ هويدى ( نثق فى نيته ونشكك فى قدرته ) فى مرحلة سابقة بعد خطاب اوباما فى القاهرة .. أصبح من الصعب على المرء أن يثق حتى فى نيته وهو يرى واقعاً من الاذلال الأمريكى المستمر ( قبل الخطاب وبعده ) ضد المسلمين فى انحاء الأرض ..ـ . ولأن الحديث حديث ارقام وحقائق فان الانسحاب الأخير الذى روج له الأمريكان من العراق لم يكن انسحاباً بالشكل الذى نفهمه , حيث تقضى خطة الانسحاب الجزئية حسب الاتفاقية الأمنية بانسحاب القوات الأمريكية من قلب المدن العراقية الى حدودها وخطوطها الفاصلة مع بقاء مكتب عسكرى فى كل بلدة يضم عدداً محدوداً من القوات الامريكية وبعض المستشارين العسكريين ومهمتهم التدريب والتدخل فى الطوارئ , وهى أمور فضفاضة فى هذه الاتفاقية .. ورغم ذلك فان امريكا التى تنشر 130 ألف جندى لها فى العراق ( بلغ عدد المشاركين من الامريكان فى احتلال العراق حتى الآن 900 الف جندى بالتناوب ) تتمنى الانسحاب من هذا الكابوس , ليس من أجل عيون المسلمين , ولكن من اجل الجنود المتساقطين يومياً ومن أجل 1.8 تريليون دولار مصاريف الاحتلال ( التريليون : واحد + 12 صفر ) .. وقد ذكر تقرير مركز قدامى المحاربين الامريكيين أن عدد القتلى والجرحى الامريكان خلال سنوات الاحتلال فاق 40 الف جندى , فيما أعلنت ( الوكالة الوطنية العراقية للأنباء ( نينا) ) حصاد خسائر كل الدول المشاركة بالارقام , وهو مالا يتسع المقال لذكره الآن .. لكن الرقم الأهم بالتأكيد أن القتلى العراقيين تعدى المليونى نسمة
(3) ـ
وعن أفغانستان المسلمة حدث ولا حرج فاوباما يش حرباً قاسية ضد الأفغان فى اقليم هلمند وقرر زيادة عدد القوات بـ 21 الف جندى اضافى ( طبقاً لما ذكره مايكل كراولى فى الجارديان ) .. كما تشن امريكا حرباً بالوكالة ضد طالبان فى باكستان ( وادى سوات ) والذى ادى الى نزوح نصف مليون مسلم وآلاف القتلى والجرحى فى عملية غير محددة الأهداف وغير قابلة للقياس لأسباب قد نذكرها لاحقاً .. ولم أجد خير من سؤال الكاتب معن بشور حين استفهم باستنكار قائلاً : " هل يعتقد الرئيس الأمريكى أن ما تقوم به قوات بلاده من حملة عسكرية مباشرة فى اقليم هلمند فى أفغانستان ومن حملة بالوكالة فى وادى سوات باقليم وزيرستان فى باكستان هى ترجمة صحيحة لخطابه التوددى نحو المسلمين ؟!! " ـ أما فى فلسطين فحديث آخر ألهى به اوباما العرب حين تحدث عن حل الدولتين وهو حل وهمى مثل الانسحاب العراقى كل طرف يفهمه كما يريد وقد نسف اوباما نفسه هذا الحل عندما أثنى على خطاب نتنياهو العنصرى والذى تحدث فيه عن شكل الدولتين كما يراها هو وعصابته . وهكذا تتواصل مسلسلات المؤامرة الكبرى ضد كثير من الدول , ولقد ذكرت سابقاً أن اوباما قرر تمديد العقوبات ضد سوريا وايران قبل خطابه بالقاهرة بساعات , ثم جاءت الآن تصريحات نائبه بايدن قبل أيام من أن اسرائيل لها الحرية فى شكل التعامل مع التهديد الايرانى حتى وان كان حلاً عسكرياً ليظهر بواطن السياسة الامريكية تماماً مثل ما اظهرها بوش حين قال فى حربه ضد المسلمين انها حرب صليبية .. والمفارقة أن بايدن الذى صب غضبه على ايران بسبب رصاصة طائشة قتلت ندا سلطان آغا أثناء الاحتجاجات الانتخابية لم نسمع له صوتاً لحرب الابادة التى تشنها الصين ضد مسلمى شينجيانج ( تركستان الشرقية ) ـ
(4) ـ
ثم لفت انتباهى شيئ مريب حدث الأسبوع الماضى حين اتفقا اوباما ومدفيديف الروسى على التعاون ايجاباً فى افغانستان والمقابل ( غض الطرف الأمريكى عن الممارسات الروسية ضد شعب الشيشان ) , وكانهم يقسمون كعكة المسلمين عليهم فى جلسة شيطانية ويفاوضون على دمائهم . اذا اضفت الى هذه الممارسات الخارجية ممارسات القمع الامريكية الداخلية ضد المسلمين الأمريكيين وآخرها الحكم على 3 منهم بالسجن ( اثنان منهما 65 عاماً سجن ) بتهمة تأييد حركات المقاومة الفلسطينية , ولم يشفع لأحدهم (د/سامى العريان ) أنه أستاذ جامعى معروف بجامعة فلوريدا وهو صاحب مكانة مرموقة هناك ـ فان الصورة تكتمل قتامة للوضع الراهن وهذا غيض من فيض من الممارسات الأمريكية على أرض الواقع , وبينها وبين الخطابات والتصريحات بون شاسع يجعلنا نشكك فى أى شيئ صادر عن الاخطبوط الأمريكى .. ولنا معه مقالات أخرى ان شاء الله