مصر فى ثورة

مصر فى ثورة

الأربعاء، ٤ مارس ٢٠٠٩

المشهد الفلسطينى بين خطاب اليأس والامل


أمام هذا المشهد الجديد القديم يظل المرء مندهشا وفى حيرة بين الافراط فى التفاؤل وبين التعلم من التاريخ اليائس ,, ابتسامات عريضة وتصريحات اعلامية بعد مؤتمر المصالحة الفلسطينية فى القاهرة ثم ابتسامات أعرض وتصريحات أعمق فى مؤتمر اعادة اعمار غزة بشرم الشيخ , وفى كلتا الحالتين نقف متسائلين : ماذا سيقدم العالم الى غزة ؟؟ طعام أم سم ؟؟ ـ

(1) ـ
ندرك جميعاً مع تجاهلنا المقصود أن الخلاف بين فتح ليس خلافاً سياسياً فقط بل يمتد الى خلاف عقائدى ومنهجى فى وجهتين متناقضتين .. حماس مثلاً تدرك بطبيعتها الاسلامية الشاملة أن قبول حل الدولتين على حدود 67 هو خطوة ومرحلة انتقالية فى طريق التحرير الشامل والكامل , فى حين تعتبر فتح هذا الحل منتهى آمالها وطوحاتها
كما تدرك حماس جيداً أن المشكلة ليست فى عباس ودحلان وعبد ربه فقط , فهم لم يخترعوا مشروع التسوية بقدر ما هم منفذون أساسيون له بالدرجة الأولى فهم بذلك وسيلة ليس الا , ولن يستطيعوا العودة بالزمان الى الوراء لاصلاح ما فعله ( عرفات ـ عباس ـ قريع ) المحور الأساسى فى اتفاق أوسلو المشين
وبالتالى فان الصورة الوردية التى ظهر عليها مؤتمر المصالحة الأخير يثير توجساً وقلقاً بالغاً , ذلك أن هناك أطرافاً داخل فتح لا تريد حواراً ولا مصالحة ولا حتى تسوية وقد دلل الاستاذ هويدى فى مقاله الثلاثاء الماضى على ذلك بالقول انه قبل المؤتمر وأثنائه وبعده لم تتوقف اعتقالات فتح لأنصار حماس بالضفة الغربية , فى رسالة واضحة من التيار الفتحاوى الأشد تأثيراً ـ
(2)ـ
كثرة التحالفات الموجهة ضد المقاومة , مبعث آخر على القلق .. فلا يستطيع أحد أن ينكر أطراف المعادلة التآمرية بحيث يصعب على الواحد منا تجاهلهم فى المشهد الأخير وهم (مصر ـ اسرائيل ـ المجتمع الدولى ـ فتح ـ عملاء غزة) , فأصبح معلوماُ بالضرورة وبالبيان وبالأدلة أن مصر مثلاً لا تقف على مسافة واحدة من الأطراف الفلسطينية وقد أشرت الى جزء من هذه المؤامرة فى مقال سابق لى بعنوان : (نظرية الدبلوماسية الجبرية .. حماس نموذجا) , كما أن حرب غزة الأخيرة خير شاهد ... ثم يصعب تجاهل اسرائيل كطرف صعب لدرجة أن مؤتمر اعادة اعمار غزة الأخير لفت النظر الى ضرورة فتح اسرائيل لجميع معابرها مع غزة لكى تتم عملية الاعمار بشكل منتظم وطبيعى فى حين لم يذكر أحداً معبر رفح بكلمة واحدة , بما يعنى اشراك اسرائيل طرفاً أساسياً فى عملية الاعمار وهو ما يمثل التفاتاً حول النوايا الحقيقية , والشاهد على ذلك أنه أثناء انعقاد المؤتمر حذرت حماس من توظيف المؤتمر الاقتصادى للاعمار سياسياً سواء بالضغط أو الابتزاز ليصبح مؤتمراً للاستعمار لا للاعمار
فى حين أن اخراج حماس كشريك فى الاعمار جاء مقصودا فضلاً عن عملية التلقيح السياسى حول الحركة ومواقفها والتى بانت فى تصريحات ساركوزى حين قال : يجب على حماس اتخاذ مواقف ( محترمة ) ـ
(3) ـ
يستطيع كل منا أن يجمع كل الأطراف والعناصر السابقة المتشابكة بحيث يوقن أن المؤتمرات الأخيرة مسكنات مرحلية وليست علاجاً , وهو موقف تستحق حماس فيه اشادة بطول النفس والتحرك وفق مرحليات مدروسة , وهى تعلم أن تاريخاً لا ينسى من المؤتمرات والمعاهدات والمصالحات آخرها مؤتمر مكة المكرمة واتفاقيته بتشكيل حكومة وحدة وطنية , وهو المؤتمر الذى كبر وهلل العالم له حينها , فى حين أن الأطراف الفلسطينية خاضوه بمبدأ ( مجبر أخال لا بطل ) , ثم بعد شهور قليلة ظهرت الحقيقة وتبخرت الأحلام , ولم يعد أحد يذكر المؤتمر ولا مكة ...ـ
والله المستعان

هناك تعليق واحد:

م/ عمرو الليثي يقول...

اخي الفاضل جزاك الله خيرا على المقال
فلقد تكشفت لي امور كانت قد غابت عن ذهني
قال الله تعالى ( و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون )