مصر فى ثورة

مصر فى ثورة

الخميس، ٢٢ أكتوبر ٢٠٠٩

فى مصر

فى مصر
محاكاة بائسة (*)ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مَرَرْنا عَلى دارِ الحبيب فرَدَّنا

عَنِ الدارِ قانونُ الطوارئ وسورُها

فَقُلْتُ لنفسي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ

فماذا تَرَى في مصر حينَ تَزُورُها

تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ

إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها

وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها

تُسَرُّ، ولا كُلُّ الغـِيابِ يُضِيرُها

فإن سرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه

فليسَ بمأمونٍ عليها سرُورُها

متى تُبْصِرِ مصر العتيقةَ مَرَّةً

فسوفَ تبكى العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها

فى مصر سياح من الصين , لا يرون مصر اطلاقاً
تراهم يطوفون من بيت الى بيت
يبيعون بقايا أغراضهم طوال اليوم
فى مصر أسوار شائكة ومتاريس أمنية من الاسمنت
فى مصر دب الجند منتعلين فوق الغيم
فى مصر نمنا على الأسفلت
فى مصر من فى مصر .. ليس أنت

فى مصر بهدلة ومرمطة اذا أردت أن تقضى مصلحة
أو فكرت فى طلاء البيت
فى مصر مدرسة خاوية على عروشها لا ترى فيها طالباً أو معلماً
تشتم منها رائحة الموت
فى مصر محرقة ومذبحة لمن كان له صوت
فى مصر لا تبحث أو تفكر فى رئيس سابق أو لاحق .. أحمق أنت
... أجننت
فى مصر من فى مصر .. ليس أنت

وتلفت التاريخ لى متوجساً
أظننت حقاً أن عينك سوف تخطئهم وتبصر غيرهم
ها هم أمامك .. متن نص أنت حاشية عليه وهامش مهملاً
أحسبت أن زيارة ستزيح عن وجه مصر يا بنى
حجاب واقعها الكئيب لكى ترى فيها هواك
فى مصر كل شيئ سواك

وهى الفراشة فى المدى حكم الزمان ببينها
مازلت تركض اثرها مذ ودعتك بعينها
رفقاً بنفسك ساعة .. أراك وهنت
فى مصر من فى مصر .. ليس أنت

يا كاتب التاريخ مهلاً
فمصر دهرها دهران
دهر مستعمر لا يغير خطوه وكأنه يمشى خلال النوم
وهناك دهر كامن ملثم يمشى بلا صوت حذار القوم

فى مصر أبنية حجارتها تلوثت بهواء فسد من الصفير أو الـ ( .... )ـ
فى مصر تعريف الجمال مشوه بقصر الوزير .. أو السفير
تبدو برأيى مثل مرآة سوداء ترى فيها وجه الفقير
وانعكاس السماء يزيدها تلوناً .. تدللها وتدنيها
توزعها كحصة التموين فى الطابور لغير مستحقيها

فى مصر رائحة تلخص حياة أجدادنا فى دكان عطارة بخان الزيت
والله رائحة لها لغة ستفهمها اذا أصغيت
وتقول لى اذ يطلقون قنابل الغاز المسيل للدموع علىّ : لا تحفل بهم
وتفوح من بعد انحسار الغاز , وهى تقول لى : أرأيت

فى مصر يرتاح التناقض , يتبسم الألم , والعجائب ليس ينكرها قريبها
كأنهن قطع القماش يقلبون قديمها وجديدها
والمحزنات هناك تلمس باليدين
فى مصر لو صافحت شيخاً أو لامست بناية
لوجدت منقوشاً علي كفيك نص قصيدة
يابن الكرام أو اثنتين

فى مصر رغم تتابع النكبات , ريح براءة فى الجو , ريح طفولة
فترى الحمام يطير يعلن حرية فى الريح بين رصاصتين
............
العين تغمض ثم تنظر سائق السيارة الزرقاء مال بنا شمالاً نائباً عن بابها
ومصر صارت خلفنا
والعين تبصرها بمرآة اليمين
تغيرت ألوانها فى الشمس من قبل غيابها
اذ فاجأتنى بسمة لم أدر ـ رغم كل الجرح ـ كيف تسللت للوجه
قالت لى وقد أمعنت ما امعنت
يا أيها الباكى وراء السور .. أحمق أنت
لا تبك عينك أيها المنسىّ من متن كتابها
لا تبك عينك أيها المصرى واعلم أنه
فى مصر من فى مصر لكن ... ـ
لا أرى فى مصر الا أنت


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) هذه المحاولة هى محاكاة لقصيدة الشاعر تميم البرغوثى : ( فى القدس ) , وقد ظلت التجربة تلح علىّ من واقع مصر البئيس على المستويات كلها , السياسى والاقتصادى والأخلاقى .. فخرجت هذه الكلمات منى بلا اعداد سابق انما من فور مشاعر لحظية سطرتها بلا مراجعة ..
وليسامحنا الشاعر العظيم على هذه الجناية فى حق قصيدته

والله المستعان