مصر فى ثورة

مصر فى ثورة

الاثنين، ٢٠ أكتوبر ٢٠٠٨

عندما اعترف العالم أن الاسلام هو الحل
بقلم : ابن المبارك ـ اكتوبر 2008 ـ

يتابع العالم كله الآن تطورات الأزمة المالية العالمية التى اجتاحت أمريكا وزحفت الى اوروبا والتى أدت الى اعلان عشرات البنوك افلاسها وكساد وركود فى الاسواق العالمية .. ولأن الأمر يهمنا نحن المسلمون وليس ببعيد عنا , ولأن توظيف الازمات والأحداث دعوياً من مهام العاملين بالحركات الاسلامية , كما أن مواكبة الاحداث ثقافة فقط أمر حتمى لمن تصدى للعمل المجتمعى , كان لابد من القاء الضوء على جانب آخر من جوانب الأزمة والتى تحمل فى طياتها رسائل عميقة يمكن أن يستفاد منها فى ميدان العمل الاسلامى .. فهذه نظرة مركزة أحادية الوجهة .. ولنبدأ من نقطة الصفر فى الحدث ..ـ
الاستاذ الدكتور عبد الحميد الغزالى ـ أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ـ أوجز وأنجز بأسلوب بسيط جداً أسباب الأزمة فى رسالته الأخيرة المكلف بكتابتها من المرشد العام للاخوان المسلمين .. وملخص ما كتب كالتالى :ـ
أى نظام مصرفى ( كالبنك مثلاً ) لابد أن يوازن بين اعتبارين أساسيين : (الثقة أوالسيولة) و(العائد) , أما السيولة فالبنك لا بد له من توافر سيولة مطمئنة من الاموال بحيث يلبى طلبات العملاء النقدية فى أى وقت بما يكسب ثقتهم ,, وأما العائد فان البنك لا بد أن يوظف أمواله فى مشاريع تضمن له ربحية جيدة وهو مبرر وجود البنك ـ
بين هذين الاعتبارين تقف البنوك أمام معضلة التوازن والثبات عليه .. ومع لجوء البنوك الى عملية الاقراض فانه يتوجب عليه أن يضمن هذا المقترض من حيث : " مركزه المالي وسمعته الائتمانية، بل سمعته الشخصية، بالإضافة إلى أخذ ضمانات ؛ أي رهن يغطي، إن لم يزد عن قيمة القرض " كما يقول الغزالى ـ
اذاً الازمة العالمية الآن باتت واضحة المعالم .. اقراض بلا ضمانات واهمال واعتماد غير مدروس على الفائض والاحتياطى فى البنوك المركزية ,, يقول الدكتور الغزالى : " فَجَريًا وراء " أقصى " ربح وأسرعه؛ أفرطت المؤسسات النقدية في تقديم كمٍّ ضخمٍ للغاية من القروض للأفراد، وبالذات في مجال الرهن العقاري، دونما دراسات استعلامية تُذكر عنهم، ودونما اعتبار للسيولة وكفاية رأس المال؛ مما أدى إلى تعثر الكثير من المقترضين عن السداد، في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار العقارات، ومن ثم غرق المواطنون في الديون، وأصبحت المؤسسات النقدية على مشارف الإفلاس " ـ
بالاضافة الى أسباب فرعية للأزمة منها : المضاربات والمقامرة فى البورصات والمتاجرة بالمخاطر وأخيراً فساد الادارات العليا للنظم المصرفية ـ
حدثنى أحد الأفراد ممن زاروا أمريكا أن عملية الاقراض فى أمريكا عملية يشوبها التوهان واللامبالاة وبلا أى ضمانات حيث أن أى فرد يحمل الجنسية الامريكية ويريد أن يشترى بيتاً جديداً أو يفتتح مشروعاً يذهب الى أى بنك ليقترض قرضاً بالملايين وبنسبة أرباح تبدأ من 40 % وتصل الى 150% يسددها على سنوات عديدة , ربما طوال عمره ـ
ومـاذا بعـد ؟!
المفاجأة المذهلة ( والمكررة ) التى فتح الجميع فمه أمامها كانت اعتراف بعض الدول العظمى (مثل بريطانيا وفرنسا) بفشل النظام الرأسمالى الحالى وأن الحل فى التعامل بالنظام الاسلامى .. فقد أصدرت الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية -وهي أعلى هيئة رسمية تعنى بمراقبة نشاطات البنوك - في وقت سابق قرارا يقضي بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إيرام العقد ـ
ثم اقرأوا ولا تتعجبوا , ما قاله بوفيس فانسون رئيس تحرير مجلة تشالينجز : " أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري؛ لأن النقود لا تلد النقود ". .. وتساءل الكاتب عن أخلاقية الرأسمالية ؟ ودور المسيحية كديانة والكنيسة الكاثوليكية بالذات في تكريس هذا المنزع والتساهل في تبرير الفائدة، مشيرا إلى أن هذا النسل الاقتصادي السيئ أودى بالبشرية إلى الهاوية ـ
ليس هذا فحسب ولكن رولان لاسكين رئيس تحرير صحيفة " لوجورنال د فينانس " الفرنسية في افتتاحية هذا الأسبوع طالب بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة .. وكان عنوان مقاله فى حد ذاته رائعاً : " هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية ؟ " ـ
هذا الكلام ليس جديداً بل قيل منذ أكثر من سبعين عاماً من خبراء ومتخصصين , لكنه الآن له مذاق آخر .. فى وقت يزداد فيه الهجوم على الاسلام والمسلمين فى الغرب وفى نفس الوقت الذى يحارب فيه الاسلاميون فى البلاد الاسلامية من قبل الحكومات العميلة بسبب شعارهم : الاسلام هو الحل ـ
لمحة من النظام الاسلامى
قال الدكتور الغزالى فى نهاية مقاله : " إنها كبيرة " الربا " وراء كل الشرور الاقتصادية، التي تعاني منها البشرية؛ ولذلك لعلمه الأزلي بمن خلق وهو اللطيف الخبير؛ أعلن سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم حربًا على مقترفها؛ حتى تُطّهر المجتمعات البشرية بالابتعاد عنها؛ إذ يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ* وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة: 278: 280) ـ

فى أثناء كتابتى هذا المقال وقعت عينى على كتاب حول الضوابط الاسلامية للتعاملات المالية ووجدت أحاديث صحيحة عن النبى وصريحة أنقل لكم بعضها من هذا البحث القيم : ـ
يقول النبى صلى الله عليه وسلم بعدما وصل الى المدينة مهاجراً : " هذا سوقكم فلا ينتقص ولا يضربن عليه خراج " , وهذا دليل على ضرورة استقلال أسواق المسلمين وحرمة انتقاصها باحتكار أو فساد أو غش . وحرمة فرض الرسوم والضرائب على الاسواق .
ويقول النبى صلى الله عليه وسلم أيضاً : " لا يبيعن حاضر لباد , دعوا الناس يرزق بعضهم من بعض " , وفى هذا تحجيم لأعمال السمسرة غير المجدية الا اذا وضحت الاسعار طبقا للعرض والطلب ـ
ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : " لا تبع ما ليس عندك " , وهو نهى عن الاقتصاد الورقى الذى يؤدى الى مضاربات وبيع وشراء وهمية غلى غرارا ما يحدث فى البورصة اليوم ـ
هذا غيض من فيض والقرآن والسنة ملأى بالضوابط المالية والاقتصادية .. والكتاب يستحق القراءة والاقتناء على أية حال ـ
واقعنـا بين الانكار والخوف
تلك الأحداث جعلتنا نقسم واقع المجتمع الذى نتعامل معه فى مصر الى شطرين .. الاول يعلم (بنسب متفاوتة) وربما يفهم أن الاسلام هو الحل لكنه يكتمها فى داخله خوفاً مما يرى من تنكيل بأرباب هذا الشعار كل يوم ,, والثانى وهم (قلة مركزة) يرفض وينكر هذا الطرح الالهى خوفاً على مصالح شخصية ضيقة (مالية أو سلطوية) أو قلقاً من تزايد نفوذ الاسلاميين .. أما الشطر الأول فحاجته اليوم بعدما علم , أن يدرك ثم أن يعمل , والشطر الثانى حاجته الى هزة قوية (أياً كانت نوعها) ليفيق من سباته العميق ـ
ويتساءل الكثيرون : أليست المكتبات ملأى بالكتب والابحاث والرسالات التى تؤكد وتبرهن أن الاسلام هو الحل فى كل النواحى , السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية ؟ ألا تخرج كل يوم شهادات من الأعداء على صلاحية الاسلام للزمان والمكان ؟ أليس العاملون بالدعوة الاسلامية لا ينامون الليل من أجل ايصال فكرتهم الى الناس؟! .. فما بال القوم لا يفهمون واذا فهموا لا يدركون واذا أدركوا لا يعملون ؟! ـ
والرد الطبيعى على هذا التساؤل المشروع : أن الأمر ليس بهذه البساطة , فان ما هدم فى قرون لن يبنى فى أيام .. وواقعنا فى الانفتاح على المجتمع فى حاجة الى تقييم وتقويم واستيعاب قدرة التأثير فيه لا التأثر به ,, والله المستعان ـ

هناك ٣ تعليقات:

Unknown يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
جندي العقيدة يقول...

طبعا نحن لسنا في حاجة إلى إثبات أن دين الله حق و شرعه جق , و صدق الإمام ابن القيم حين قال في ( الطرق الحكمية ) :
( ومن له ذوق في الشريعة ، واطلاع على كمالاتها وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد ، ومجيئها بغاية العدل ، الذي يسع الخلائق ، وأنه لا عدل فوق عدلها ، ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح : تبين له أن السياسة العادلة جزء من أجزائها ، وفرع من فروعها ، وأن من له معرفة بمقاصدها ووضعها وحسن فهمه فيها : لم يحتج معها إلى سياسة غيرها ألبتة . )

لكن يأبى أقوام أن يؤمنوا إلا بأن يروا البينات , و سيريهم الله آياته في الآفاق و في أنفسهم , و في السياسات و أحوال الأمم و المجتمعات حتى يعلموا أنه الحق .

اقصوصه يقول...

موضوع جميل

بالنهايه دايما يكون الاسلام اصح الديانات السماويه

والابتعاد عنه نهايته الهلاك لا محاله