بات واضحاً للمراقبين أن حركة المقاومة الاسلامية حماس , مازالت تحافظ على حيويتها فى اعتمادها على الاستراتيجيات متوسطة وطويلة المدى بالاضافة الى التكتيكات الميدانية المدروسة , وهى فى حدها الأدنى ـ رغم وجود أخطاء بشرية ـ شيئ يدعو الى التأمل فى ظل هذه الأوضاع الغير مستقرة فى قطاع غزة والتى لا تبشر بخير
(1)
لا شك أن حماس تخشى عامل الزمن وتأثيره على شعب غزة من طول الحصار والدمار واستمرار الشقاق الوطنى الداخلى , ورغم أن الدلالات تؤكد كل حين أن الشعب ما زال يلتف حول خيار المقاومة وحماس فى القلب منها وما يترتب على هذا الاختيار .. الا أن حماس لم تركن الى هذه المؤشرات فباتت تفكر فى كيفية الحفاظ على هذه الروح رغم معاول التثبيط التى تواجهها
فى الشهر الماضى أطلقت حركة حماس مبادرة وحملة لطرق الأبواب لمقابلة أكثر من 200 ألف غزاوى لتقديم الخدمات لهم والسماع الى احتياجاتهم , المفاجئة السارة التى قابلت هذه الحملة هى أن عدد من رفض هذه المبادرة ورفض مقابلة وفود الحركة لم يتجاوز المائة , وهو ما يعنى بالحساب البسيط نسبة لا تتجاوز 0.0005 % , فكانت هذه هى الصفعة الأولى لكل من راهن على انكسار هذا الشعب المرابط .
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فتعدى الى حرص الحركة على اثبات صمود وشموخ صفحتها أمام العالم فبذلت مجهودات مضنية وفاعلة عبر الوسيط الألمانى لاتمام صفقة الجندى الاسرائيلى جلعاد شاليط قبل مهرجان الانطلاقة وهو ما كان سيعطى المهرجان بعداً آخر , اذ سيتحول الى مهرجان انتصار وانطلاقة جديدة تزيد من شعبية حماس فى غزة والضفة , بل فى العالم أجمع .
ورغم أن الصفقة لم تتم قبل الانطلاقة بسبب رغبة اسرائيل تفويت هذه الفرصة على حركة حماس , وبعد تدخل أمريكى واضح ومعلن يطالب اسرائيل ومصر بعدم الاستعجال فى قضيتى شاليط والمصالحة .. رغم كل ذلك فان الهدف أصبح أقرب الى التحقق .. ذلك أن حماس يكفيها هذه الصفعة الثانية التى وجهتها الى إسرائيل بشريط من ثوان معدودة ظهر فيها الجندى المختطف , وأظهرت حركة حماس فيها قدراتها المخابراتية والعسكرية عالية الجودة , من أول اختيار توقيت تسجيل واذاعة الشريط ولون خلفيته وطريقة جلوس الجندى ووقوفه الى طريقة التصوير وحتى اسم المجلة التى سيظهر بها وتاريخها , فى عملية عسكرية من نوع خاص أثبتت حماس فيها تفوقاً وتطوراً واضحاً يبعث على الاطمئنان على العقلية العسكرية المدبرة .
اذاً نستطيع أن نلخص حرص حركة حماس على اتمام الصفقة فى أسرع وقت فى ثلاث نقاط : ـ
1. كسب تأييد واكبار وزيادة الشعبية وسط المجتمعين الفلسطينى والاسلامى .
2. تفويت الفرصة على اسرائيل بجعل شاليط أحد مبررات حربها القادمة تجاه القطاع (1) .
3. احراج لفريق ( عباس ـ فياض ـ دحلان ) فى الضفة ووضعهم فى مواجهة سياسية مع الجماهير .
(2)
لكن التحديات التى تواجهها حركة المقاومة الاسلامية حماس الآن أصبحت أكبر من مجرد التفكير فى شئون قطاع غزة ذو النصف مليون مواطن .. ذلك أن القضية الفلسطينية برمتها ما زالت أسيرة فصائل محدودة ومعدودة تدافع عنها بعدما تخلت عنها معظم الدول والمجتمعات والفصائل .
ونستطيع أن نجمل أهم التحديات ( الميدانية ) أمام حماس فى الفترة القادمة كالتالى :ـ
1. استمرار مصر بالتعان مع أمريكا فى تركيب أجهزة المراقبة الالكترونية على الشريط الحدودى مع غزة لمنع التهريب عبر الانفاق .
2. الأخبار التى تسربت و تفيد بأن مصر تبنى جداراً عازلاً تحت الأرض بطول الشريط الحدودى لنفس الهدف .
3. استمرار الانفصال والانشقاق الداخلى بين حماس والضفة والذي بات يهدد أركان القضية كلها ويعطى ذريعة بالمماطلة فى الاستحقاقات الوطنية الفلسطينية .
4. الاعتقالات والتشريد ضد أبناء حماس فى الضفة من قبل فريق عباس .
5. عدم وجود شكل قانونى واضح ومؤسسى سواء فى غزة أو الضفة بعد انقضاء ولاية عباس وولاية المجلس التشريعى .
6. الغموض الذى يكتنف اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وضمان نزاهتها .
7. ارهاصات الضربة الاسرائيلية المتوقعة ضد قطاع غزة , وترتيبات مقاومتها سياسياً وعسكرياً .
8. خفوت الصوت التضامنى الأكبر فى العالم من جانب جماعة الاخوان المسلمين فى مصر بداية من مارس 2010 بسبب الانشغال فى الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية فى مصر .. وهو ما يوجب على حماس أن ترتب أوراقها على هذا الأساس الذى يبدو فيه أن اخوان مصر سوف يقلبون الآية بحيث يصبحون هم من يحتاجون الدعم المعنوى والاعلامى من حماس فى هذه الفترة .
وفى المستقبل دائماً الخبر الأكيد
وللحديث بقية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع مقال : الطريق الى تصفية القضية ( 2 ) ـ